تعديلات قانون المخابرات العامة تثمر المزيد من القتل والتعذيب

يدين المرصد السوداني لحقوق الإنسان بشدة الانتهاكات المتكررة ضد المدنيين التي يمارسها طرفا النزاع، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والتي تشمل الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القانون.

ففي ولاية كسلا، اعتقل جهاز المخابرات العامة يوم 31 أغسطس 2024 الساعة الثامنة والنصف صباحاً، الأمين محمد نور محمد من مكان عمله. الأمين، البالغ من العمر 29 سنة، متزوج وأب لطفلة وهو صاحب مطعم، ومن منطقة ود شريفي بولاية كسلا. تم احتجاز الأمين في مقر جهاز المخابرات العامة بمدينة كسلا، قبل أن يُعلن عن وفاته داخل مقر الجهاز بعد ساعات نتيجة التعذيب والضرب المبرح، وفقاً لما ورد في التقرير الطبي.

وفي كسلا أيضاً، أصدرت المحكمة حكماً بالإعدام ضد محمد عثمان أبو هريرة في يوم 25 أغسطس 2024 بتهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.  محمد عثمان، البالغ من العمر 23 سنة، هو طالب في كلية الهندسة الطبية بجامعة تقنية في الخرطوم. وهو من سكان الخرطوم التي نزح منها إلى مدني، وبعد اجتياح قوات الدعم السريع للمدينة، تم اعتقاله وتعرض للتعذيب، لكنه تمكن من الفرار. سافر محمد إلى كسلا في طريقه للخروج من السودان إلى إحدى دول الخليج، لكنه اعتقل في نهاية شهر مايو الماضي ووجهت إليه تهمة التعاون مع قوات الدعم السريع.  يعرب المرصد بقلق عن تزايد أحكام الإعدام في الفترة الأخيرة ضد الشباب من الجنسين، مع حرمانهم من الحق في محاكمة عادلة، وفي بعض الحالات تعرض المتهمون للعقاب الفوري من قبل الأجهزة الأمنية أو المستنفرين.

كان المرصد السوداني لحقوق الانسان قد حذر في إحاطة قانونية في شهر مايو الماضي من التعديلات التي أدخلت على قانون المخابرات العامة والتي اعادت إلى الجهاز سلطات الاعتقال والاحتجاز والرقابة والتفتيش والتحري منذ شهر ابريل 2024. كما أعادت التعديلات منح أعضاء ومنسوبي الجهاز حصانة كاملة تتصل بكافة الأفعال التي يقومون بها بصفتهم الرسمية، ومنع ملاحقتهم قضائياً. وذكر المرصد أن هذه التعديلات تُعدّ شرعنة للاعتقالات التعسفية التي تفتقر للمشروعية وللضمانات اللازمة لصيانة حقوق الأشخاص المحتجزين.

يطالب المرصد السلطات في ولاية كسلا بإجراء تحقيق شفاف حول حادثة الأمين محمد نور، لأن من حق أسرته معرفة الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقه في الحياة وتعريضه للتعذيب الشديد.

كما نطالب السلطات السودانية بإلغاء كل التعديلات التي أدخلت في أبريل الماضي على قانون جهاز المخابرات العامة، خاصة وأن هذه التعديلات صدرت في مخالفة صريحة للوثيقة الدستورية لعام 2019 التي استندت إليها، وللاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها السودان، مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي انضم إليه السودان عام 1986، واتفاقية مناهضة التعذيب التي انضم إليها السودان عام 2021. حيث تنص المادة الثانية منها على: “لا يجوز التذرع بأي ظروف استثنائية أياً كانت، سواء كانت حالة حرب أو تهديداً بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أي حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى، كمبرر للتعذيب.”

تجاوزت الحرب في السودان الـ500 يوم، وقد ارتكب طرفا النزاع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في سياق هذه الحرب. ونتجت عن هذه الحرب معاناة غير مسبوقة طالت المدنيين في كل أنحاء السودان، حيث يوجد أكثر من 10 ملايين نازح، يمثلون 20% من سكان البلد، وهي أكبر أزمة نزوح في العالم حالياً. كما يواجه أكثر من 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، خطر الجوع الحاد. ويطالب المرصد السوداني لحقوق الإنسان طرفي النزاع بالوقف الفوري لهذه الحرب التي تمثل المصدر الأساسي لكل هذه الانتهاكات والكارثة الإنسانية التي يمر بها السودان الآن. وعلى المجتمع الدولي حث طرفي النزاع على وقف الحرب وممارسة ضغوط كافية عليهما لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في السودان.

Share this:

Facebook
Twitter
LinkedIn