وداعاً الباقر العفيف


غيّب الموت زميلنا الدكتور الباقر العفيف يوم الخميس 23 يناير 2025، بعد صراع طويل مع المرض الذي واجهه بشجاعة نادرة وصبر يُحتذى بهما. لقد كان الباقر مثالاً للإرادة الصلبة، والطاقة المتقدة، والالتزام الذي لا ينطفئ في خدمة قضايا حقوق الإنسان والعدالة.
ظلّ الباقر مساهماً نشطاً وبارزاً في حركة حقوق الإنسان على المستويين السوداني والإقليمي، حيث لعب أدواراً قيادية أثرت بشكل كبير على مسيرة الحركة في مراحل مختلفة من حياته. كانت مسيرته حافلة بالعطاء؛ بدءاً من عضويته في المنظمة السودانية لحقوق الإنسان ولجنتها التنفيذية في تسعينيات القرن العشرين، مروراً بعمله مع منظمة العفو الدولية، ثم تأسيسه لمركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية في العام 2007. ونفخر بأن الباقر كان أحد الأعضاء المؤسسين للمرصد وعضواً في مجلس أمنائه حتى 2012. كما كان عضواً فاعلاً في العديد من الكيانات السودانية والإقليمية التي تعنى بقضايا الحرية والكرامة الإنسانية.
إلى جانب عمله المؤسسي، ساهم الباقر بكتابة وتحليل قضايا حقوق الإنسان بعمق ووضوح، حيث تناول، على سبيل المثال، في كتاباته الأزمة في دارفور وحقوق الإنسان في فكر الإسلاميين، كما قدّم رؤى نقدية ثاقبة حول تأثير التطورات السياسية على واقع حقوق الإنسان. ولم تقتصر مساهماته على الكتابة النظرية فقط، بل كان له حضور فعّال في المنابر العامة والصحافة، حيث عبّر بشجاعة عن مواقفه وأفكاره التي استندت دوماً إلى قيم العدالة والمساواة.
كان الباقر أيضاً عضواً ملتزما بحركة الاخوان الجمهوريين حيث شكل فكر الأستاذ محمود محمد طه مرجعياً له في اسهاماته الفكرية وتحليله لقضايا حقوق الإنسان.
إن حياة الباقر لا يمكن أن تُختزل في كلمات قليلة؛ فقد كانت مليئة بالإبداع والعمل الدؤوب والإصرار على إحداث التغيير. وسيبقى إرثه حيّاً في مؤلفاته وفي المؤسسات التي أسسها وساهم في تطويرها، وفي القيم التي دافع عنها بكل إخلاص.
وإذ ينعي المرصد الدكتور الباقر، فإننا نعبر عن عميق تعازينا إلى زوجته وابنته وابنه وأسرته الممتدة، وإلى زملائه وأصدقائه ورفاقه في كافة المواقع التي عمل بها وناضل من خلالها. كما نتوجه بالتعزية إلى الشعب السوداني الذي خدمه الباقر بصدق وشجاعة حتى آخر لحظة من حياته، متحملاً مسؤولية الدفاع عن حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية بإيمان عميق بقضيته.
رحم الله الدكتور الباقر العفيف وأسكنه فسيح جناته، وجعل عمله وإرثه في ميزان حسناته.

Share this:

Facebook
Twitter
LinkedIn